أخذت نفسا طويلاً, وها أنا
أتقدم مرتدية فستان بلونه المفضل, أتمنى أن يروقه هذا الفستان الأسود الذي طرزت
فيه بعض النجوم البيضاء, شيئاَ ما قريب من السماء التى يحدق فيها كثيراً, لعلي
احصل على بعض النصيب في الأمر. سأظل ممتنة حقا إنه علمني الخياطة و التطريز, وحقاً
أحاول أن أبدو جميلة, فاليوم عيد ميلادي
الثامن عشر, ليتها تكون سنه حظ على وتغير
كل شيء.
أخطو في هذه الممرات
منذ أن تعلمت المشي, ولكن في كل مرة اتأمل فيها قصر الدراكولا جني ,تنتابني
القشعريرة وأشعر أنني غريبة على المكان, كل شيء أسود مع بعض التفاصيل الذهبية , منذ طفولتي وأنا احاول جاهدة أن أضع أثري هنا, لكنني دائماَ صفحة
منسية.
أما هي , يكاد القصر كله يهتف باسمها ,وها أنا وصلت, المشهد نفسه منذ أن كنت صغيرة : الدراكولا جني واقف يحدق فيها, وهي مستلقية على فراش من الورد
يعتني به كما يعتني بها, وهي كالورد تماماً لا يحركها الا النسيم, أو مداعباته لخصل
شعرها من حين لآخر.
منذ أول مرة دخلت هذا القصر وهي في غيبوبتها تلك,
و كالورد تماماً يعتني بها و يسقيها الدماء كل مساء, كالورد تماماً لكنها لا تذبل.
تقدمت, وقد تعمدت أن أصدر صوت بكعبي عله يلتفت نحوي
قليلا وقد فعل, رفع رأسه ورأيت عيناه
الشاحبتان تنظران إلي, منذ ثمانية عشر عاما وهذه النظرة تجعل قلبي يرف, لكنها دائما كانت باردة خالية من الحياة, نظرة
الحياة تلك كانت حصراً لوردته الخالية من الحياة.
نظر إلى وتبسم , ويده تمسك يدها ثم قال: روز لقد
جئت! كنت أود محادثتك في موضوع لكن اولاً
كل عام وأنت بخير, أيضاً حان الوقت لاطلق سراحك يا عصفورتي الصغيرة, يمكنك اخيراً مغادرة
قصر هذا الدراكولا المسن.
حين سمعت كلماته كدت افقد توازني, لو كنت أشعر
أنه لا وجود لي في قصره فطريقة اخباره لي بأن أغادر بهذه البساطة!؟ , قلت والدموع تملء عيني: لهذه الدرجة وجودي ليس له قيمة
- ما هذا الكلام صغيرتي روز, أ تريدين أن تتعفني هنا مع هذا الدراكولا المسن
وزهرته النائمة.
- هذا الدراكولا هو كل ما أملك, وهو الآن يستغني عني ببساطة
- صدقيني, مَن تعتقدي أنه كل ما تملكي قد سلبك روعة العالم الخارجي
- وسلبني قلبي أيضاً
-روز!! تحدثنا في هذا من قبل , صغيرتي انت تخلطين الأمور, لأني
الشخص الوحيد الذي تعرفينه, وجدتك صغيرة جدا في يوم ممطر, كنت أبحث عن شخص ما زمرة
دمه اوه (O) لأسقي به زهرتي كالمعتاد و شممت رائحتك, تعلمين؟ كنت مقدماً على
قتلك يا روز, لكن حينها كنت طفلة صغيرة جدا تبكي تحت المطر و وحيدة لم أستطع أن أحتمل
الأمر شعرت أن صراخك يشبه صراخ قلب زهرتي المعذب بين الحياة والموت لذا سميتك على اسمها
يا روز.
- وجعلت من اسمي سبب آخر ليزداد عذابي يا جني
-أخبرتك أنت تخلطين الأمور, مشاعرك اتجاهي مشاعر فتاة لأباها أو شيء
من هذا القبيل, لطالما كانت مشاعري اتجاهك شيء من نفس هذا القبيل, روز الصغيرة تقضين
معظم وقتك في المكتبة بين تلك الرومنسيات الواهمة, صدقيني! لعبت تلك الأمور بعقلك
و خلطت عليك الأمور.
-لكن سيدي جني الامور تختلط علي فقط حين اراك, فأصبح غير قادرة على
التفكير بتاتاَ
-هذا بالضبط ما أشعر به اتجاه وردتي روز, ولهذا السبب تم لعننا يا
روز الصغيرة هي كانت جميلة بالفعل, أجمل فتاة في قريتنا وأنا كنت جني البسيط, كنت
حقاً لا أستطيع التفكير في وجودها وتعدى حبي الجنون وتحول إلى جريمة, لذا تم لعني
للأبد كنت أقتل كل رجل تقدم لروز, ويوماً ما تقدم رجل أسمر نحيل مبتسم لا يمكنني
ابداً أن انسى وجهه, كان يبدو بسيطا و بطريقة ما روز كانت تبتسم له لم اتحمل
المنظر لذا إخطفته بعيداَ وعذبته بطريقة وحشية يا روز حتى حولني وحشاً. العذاب يا
روز يصنع الشياطين بعد أن مات من عذابي تحول إلى شيطان ولعنني ولعن روز, قال لي تقتل لأجلها يا جني!؟ سوف تقتل إذاً للأبد
لأجلها ولن تكون أبدا لك, يا جني أسقها الدماء أسقها للأبد و فقط من الاوه الموجب(O+)
إذا أشرقت عليها الشمس يوما دون الدماء فستهلك وستهلك معك روز, غير ذلك في العذاب
ستخلد, للأبد ستخلد.
وأنت مثل الجميع كنت مجرد ضحية لإبقاء روز,
بطريقة ما تغير الأمر.
قلت و قد ملئت الدموع وجهي: أعرف هذه القصة بل
وحفظتها, لكن يا جني روز هذه جسد بلا روح
تأملها بحزن وقال : وأنا ايضاً و أنا ايضاً, جسدٌ
بلا روح
اقتربت نحوها وأنفاسي متقطعة بسبب البكاء, كانت
كما هي كالصورة تماماً لم يتغير فيها شيء , نظرت إلى جني كان هو تماماً أيضا لم
يتغير قط , أنا فقط التي كبرت وكبر حبي له نظرت إليها و صرخت : أنت السبب وراء بكائي
كل هذه السنين, لقد صنعت منه وحشاً, لكنك الوحش الحقيقي.
دفعني عنها بقوة وقال: إذا كانت السبب وراء
بكائك, فهي السبب وراء موتهم , وأشار
بيده إلى الرف الكبير الذي يحتوي على الكثير من الأشياء التي خزنها مِن مَن قتلهم,
كان يقتل كل ثلاثة أيام, دماء من يقتلهم
كانت تكفي فقط لثلاثة أيام, كل ليلة تشرب منها اللعينة روز تلك وتشرب من حبي كل
ثانية , وقد إلتهمت قلب وعقل جني بالفعل تلك الوحش.
قلت والدموع في عيني : لن أغادر! مددت معصمي واتبعت
: إذاً أقتلني! أقتلني كما فعلت مع الجميع , على أي حال أنا أموت بسببها كل يوم.
ببرود عاد لها وغرس الإبرة التي تنقل لها الدم
بينما الجثة موجودة داخل صندوق مجمد في الأعلى قال وهو ينظر إليها و يبتسم: روز
الصغيرة لن أقتلك غادري الان هذا القصر, تلك القصص و الروايات التي قرأتها لن
تتحقق لك وأنت هنا داخل رواية شخص آخر, حتى أنها قصة مأساوية عن بائسين اثنين
وعذاب أبدي وأسطورة لا نهاية لها وحب جريح وخالد يدفع ثمنه الكثيرين, أنت في كل
هذا لا تساوي حرفاً, أرجوك صغيرتي اذهبي واصنعي لنفسك رواية لا مكان لك في هذا
البؤس, سيصيبك الجنون, غدا صباحاً إن لم تغادري وحدك سأطير بك إلى باريس وصدقيني لن تعرفي طريق العودة فالواقع هذا
ملائم, إرتاحي الان وأنا سأتركك عند عجوز
ظريفة فرنسية تعتني بك , صدقيني ستعشقين تلك الأرض, هي أرض العشق على كل حال.
كان يقول هذا غير مبالي بصوت البكاء وهو حتى لم
ينظر إلى وأنا كنت أستمر بتكرار ثلاثة عبارات ارجوك لا , أنا احبك , أرجوك لا
تتركني , وكلها كانت أشبه بهمس الرياح أنا في تلك القصة لم أكن شيئاَ.
سحب عنها الإبرة وقال : وردتي روز الكبيرة قد
تعشت والآن لنرى ماذا تريد روز الصغيرة اليوم فغداً رحلة طويلة.
مشى خطواته بإتجاهي ومسح دموعي وابتسم لي وقال:
لا تبكي! بطريقة ما في هذه الثمانية عشر عاما قللتي عني بؤسي وأنسيتني بعض آلامي
يا روز الصغيرة , لن
اسمح لك بأن تعاني المزيد في هذا القصر العفن ,سأفتقد أن أطهو لك ههه
ثم تقدم نحو الباب وهو يكمل: في باريس سوف تتذوقين
ما هو أكثر من طعام, سيكون كل شيء مثالياً, وسأطمأن عليك من وقت لأخر صغيرتي . وأما أنا وهذا البؤس سأمحوه من ذاكرتك فور وصولنا. حينها إلتفت
إلي وقال :سامحيني على أيام الشقاء التي قدمتها لك, كنت أحاول أن أقدم لك الحياة لكن
هذا هو المتوقع من بائس ملعون مثلي. قال هذا وضحك ثم توجه إلى المطبخ وقد ترك ورد الروز في الغرفة يتعذب بعد أن قرر
وحده مصيره, فكان كل الروز في الغرفة جسد بلا روح.
النهاية
قلم الكاتبة المبدعة / هديل عصام الدين محمد علي (هيكب)
تاريخ كتابة القصة إكتوبر 2019
جميع الحقوق محفوظة لصاحبة هذا
العمل ولايسمح بالنسخ أو إعادة النشر في إي مكان إلا بإذن منها
هذه النسخة الإلكترونية مقدمة من طرف جينمو ® إكتوبر 2021
تحميل القصة pdf
كلمات دلائلية: